اخذ يمشى جاسر مسرعا نحو الشاطئ فى وقت المغيب والدموع تتساقط من عينيه لعل المشى ينسيه ما عاناه ، لعل دموعه تكفر عما لم يستطيع ان يفعله.
كانت احلام له نعم الصديقه اثناء الدراسه ونشأ بينهم حباً عميقاً لم يقدر على هدمه اى شئ او اى شخص فقد كان ايمانهم بالله وبحبهم كبير الى ابعد الحدود وتحدوا به العالم ، تخرجوا من الكليه ذاتها وعملوا فى نفس المكتب لمدة سنتين وجاء لخطبتها، فرحت كثيرا بة وفرح بهم الاهل والاصدقاء ، اخذوا يعدوا انفسهم لمرحله الزواج ، وجاء ميعاد زفافهم وقضوا شهر عسل رائع ذكبو الى شرم ، الغردقه ، مرسى مطروح واسوان، وكانوا سعداء ، لم يعلمو ما تخبأه لم الاقدار.
كانوا اجتماعيين جدا ولذالك احبهم الجميع ، ولكن احلام كانت دائما تحس بأن شيئا ينقصهم ، كانت تريد ان تنجب ، فصارحت زوجها بنيتها للذهاب الى الطبيب وشجع هو الفكرة كثيرا لكى يطمئنوا لا اكثر على الرغم ان هذة المسأله لم تكن تشغل باله كثيرا فقد كانت دائما هى اهم عندة من انجاب الاطفال و ذهب معها هو ايضاً لكى يكشف وعملوا التحاليل اللازمه .
وعند الطبيب شرح لهم انه لا يوجد اى عيوب عند جاسر واخبرهم ان احلام تعانى من ضعف بالقلب ولذلك من الصعب الحمل لما له من اضرار على صحه الام والجنين معاً.
حزنت كثيرا وحزن عليها زوجها ولكنه حاول ان ينسيها هذا الهم فأخذها فى رحلة الى اول مكان شهد ايام زواجهم الاولى فقد كانت لهم زكريات حلوة به ولكن ما يلبسوا ان يرجعوا لحياتهم العمليه ويرجع لها حزنها والمها ، وقد كان يزيد هذا الحزن عندما ترى طفلا جميلا فقد كانت تعرف انها لن تقدر ان تنجب مثله ، لم تعد حياتهم سعيدة كما كانت فقد كانت دائماً حزينه منتظرة شيئا لن يأتى وكان زوجها يصبرها دائما ، ويعزيها احساسها بما يفعل زوجها لكى يجنبها التفكير فى هذا الموضوع .
وعلى نفس قدر حبه لها فقد احبته اكثر وقابلت عطفه عليها وحنانه بحب كبير ولم تقدر ان تتحمل فكرة عدم الانجاب فهى تريد الانجاب لتأتى بمن يحمل اسمه ويكون له عونا فى الدنيا ، كانت تفكر فى هذا الموضوع كلما فرغت الى نفسها ، وجاء اليوم الذى قررت فيه الانجاب وتحمل المخاطر كلها فزوجها يستاهل منها هذة التضحية لانها ستترك له طفلاً يعوضه عنها ويملأ حياته سعادة ويحمل اسمه ويذكرة دائما بها.
لم تقدر على ابلاغه بقرارها لانها تعرف انه سوف يعارضها وبشدة لأنه يحبها ويريدها دائما بخير فلم تبلغه بذالك وعملت جاهدة على اخذ علاجات لتثبيت حملها واخفت موضوع الحمل عن زوجها الى ان لم تعد تتحمل عدم البوح وتفاجأ هو بذالك ولم يعد بمقدورة فعل شئ ، لم يعرف كيف يساعدها هو عرف انها فعلت ذالك من اجله و عرف انها ستحرمه منها عما قريب حزن لأجلها وسأل كل الاطباء عن اى حل لهذا الوضع ولاكن هيهات فلا يوجد اى حل الا انتظار انجاب الطفل لانها اذا حاول ان يجعلها تعمل عمليه الاجهاض فقد تموت ولهذا لم يعد بمقدورة فعل اى شئ الا انتظار المولود.
كانت فى أواخر ايام فترة حملها تريد الذهاب لأول مكان ذهبوا اليه حين تزوجوا المكان الذى قضوا فيه اجمل ايام عمرهم واخذها الى هناك ولكن السعادة لا تدوم طويلا فقد اشتد تعب الحمل عليها ولم تقدر الا انتظار ساعات الولادة ، وكانت لديها امنيه تريدها بشدة كانت تريد ان ترى غروب الشمس مثلما كانوا يفعلوا كل مرة ولكن الوقت كان مبكراً ، وكانت لديها احساس بأنها لن تراه .
عانت كثير بسبب تعب السفر وازداد احساسها بالحزن فقد عرفت انها ستخسر حبيبها ورفيق دربها وستذهب بدونه وتتركه يعانى الآم الوحدة وتربيه طفل صغير وتحمل مسئوليته وحدة بدونها ، ادركت انها كانت على خطأ فحياتها بجانب زوجها لا تعوض بثمن ، وحاولت رغم المها الشديد ان تخفف عنه معاناته وحزنه االشديدين .
طلب لها الاسعاف وتم نقلها الى اقرب مستشفى وأخذوها الى غرفه العمليات ، أخذ يقرأ بعض آيات من القرآن الكريم ويدعو لها بالنجاه وحينما خرج الدكتور من غرفه العمليات سأله عن حالها فقال له الدكتور : قدر الله وما شاء فعل ولا اعتراض على حكم الله
أخذ يبكى بحرقه على حبيبته وزوجته وصديقه عمره ولكن الدكتور حاول ان يهديه ويصبره واخذة ليرى ابنه الجميل ، وبعد ان كان يبكى ارتسمت على وجهه ابتسامه فقد كان الطفل يأخذ كل ملامح امه.
كانت احلام قد كتبت رساله اليه فى حالة انها لم يقدر لها الحياه ، وقكتبت عليها من الخارج لا تفتحها الا امام البحر وقت غروب الشمس.
اخذ الرساله وذهب الى البحر وقت الغروب وكانت الرساله تقول
" زوجى الغالى
رفيق دربى
حبيبى جاسر
اذا لم يكتب لى الحياه
اعلم انى سوف اشتاق اليكم
و انى ما فعلت ذلك الا لأجلك
احكى عنى لابننا كثيراً
تذكرنى دائما بالخير ولا تنسانى
واعلم انى سوف اغار عليك اذا تزوجت بعدى
مع حبى زوجتك المحبه احلام"
وعندما قرأها نزلت الدموع من عينه ، لم يستطع كتمانها ، وقال محدثاً نفسه بانه لن ينساها ابداً وانه لن يتزوج بعدها فبعدها لن يوجد اى نساء وسوف يحب ابنهم بشدة ولاكن لن يعوضه ابدا عن حبها وانه سوف يهتم به ويحكى له كثيرا عنها وانها ستكون معهم دائما وانها مهما كانت بعيدة عنهم ستكون دائما فى قلوبهم وانه سوف يذهب دائما ومعه ابنهم الى الشاطئ ليرى غروب الشمس بنفس المكان الذى شهد السعادة والحب الجميل والذى شهد اول ايام واجمل ايام ، لم تتوقف دموعه وكل هذه الاحداث تمر فى شريط مآساوى امام عينيه ، حينها تذكر كم كانت حبيبته جميله وكم كانت ضحوكه مرحه عندما يكون حزين او مهموم فتخرجه من همومه ومشاكله فابتسم رغم المه وحزنه عليها.